صورة قديمة لشاطئ ستانلي في الاسكندرية alexandria
صورة قديمة لشاطئ ستانلي في الاسكندرية
الإسكندرية أيام العباسيين
لم تغير مصر من طبيعة علاقاتها بالخلافة على أيام العباسيين إذ صارت ولاية تابعة لبغداد بعد أن كانت تابعة لدمشق وهذا استتبعه أن أحوال الإسكندرية لم تغير من طبيعتها هى الأخرى
وعندما ولى الخلافة أبو جعفر المنصور اهتم جدياً بأفريقيا وسير محمد بن الأشعث والى مصر جيشاً لقتال خوارج طرابلس من الخوارج الإباضية بقيادة أبى الخطاب عبد الأعلى المعافرى فأنهزم واضطر ابن الأشعث إلى الخروج بنفسه إلى الفسطاط فى اواخر سنة 142 هـ / مارس 760 م واتجه بعدها إلى الإسكندرية وهو فى طريقه إلى المغرب وهذا يعنى أن الإسكندرية اصبحت قاعدة العمليات العسكرية فى المغرب إلا أن موقعها الفريد على حافة الوادى متأخمة للمغرب جعلها ملتقى الشرق والغرب
إمارة أندلسية بالإسكندرية
وسرى الاضطراب إلى العاصمة الفسطاط إذ ثار الجند وأعادوا عبد الملك الخزاعى الذى كان قد عزله المأمون إلى الولاية فى سنة 199 هـ 814 م وظلت أحوال الإسكندرية على ما هى عليه من القلق رغم تغير الولاة عليها واتت ظروف جديدة زادت فى تعقيد المواقف بالإسكندرية حتى أنقطعت صلتها بالفسطاط لمدة تجاوزت العشر سنوات وتدخلت فى أمور الثغر مراكب تحمل مهاجرين ورواد بحر من غزاة عرب الأندلس وقد اتخذوا الإسكندرية قاعدة مساعدة لعملياتهم فى شرق المتوسط .ونتيجة لأعمال الاضطراب والشغب فى المدينة أن قامت جماعة سمت نفسها بالصوفية وقاموا بتنظيم صفوفهم بالإسكندرية تحت رئاسة أحدهم وهو عبد الرحمن الصوفى وأعلنوا معارضتهم للوالى ووجدوا فى الأندلسيين خلفاء طبيعيين لهم واجتذب الصوفية والأندلسيون إلى جانب العرب اللخميين بالإسكندرية الذين كانت لهم أطماع فى الإسكندرية وجمع المتحالفون صفوفهم وبلغ عددهم 10.000 رجل إلى جانب من انضم إليهم من المغامرين وصار الجميع إلى قصر عمر بن هلال الحديجى وحاصروه فى سنة 200 هـ / يونيو 816 م وقتلوا عمر بن هلال ومن كانوا معه فى القصر .وقد انفرط الحلف سريعاً بين العرب اللخميين والأندلسيين وقانت الحرب بينهم فى التو واللحظة وانتهت بانتصارغزاة البحر الأندلسيين فاستولوا على الإسكندرية فى نفس العام وأسند الأندلسيون ولاية الإسكندرية إلى أبو عبد الرحمن الصوفى الذى فشل فى الحكم والإدارة حتى عم الفساد فى المدينة وعندئذ رأى الأندلسيون عزله وأخذوا على عاتقهم الحكم مباشرة ونجحوا فى السيطرة على كل منطقة الإسكندرية . يرجع إضطراب الأحوال فى الفسطاط إلى فتنة الخلافة العباسية بين الأمين والمأمون وقد بدأت طلائع الجند العباسى من الخراسانية تتجه نحو الإسكندرية عام 212 هـ / مايو 827 م وضرب حصار حول المدينة وأخرج الأندلسيون من الإسكندرية
ظلت القلاقل فى المحافظة الشرقية وفى شمال الدلتا والإسكندرية وحضر المعتصم ( ابن الرشيد ) فى رجب سنة 214 هـ / سبتمبر سنة 829 م وبصحبته عسكره التركى الجديد وفى السنة التالية قدم قائد الخلافة ( الأفشين ) للقضاء على الثورة التى عمت الدلتا وكذلك الإسكندرية وهكذا صار الأفشين إلى الإسكندرية وأدب من وقف فى طريقه من الثوار ودخل المدينة دون قتال فى 19 ذى الحجة سنة 216 / 28 يناير سنة 832 م
وقد بدأ منذ أيام المعتصم وفود الترك على مصر فى شكل جند وعمال وولاة الأمر الذى كان يضعف من شأن العرب الذين أسقطوا من دواووين الجيش عام 218 هـ / 833 م واتبع ذلك أن شغل الفرس والترك المناصب الكبرى من: الولاية إلى الشرطة .وابتداء من سنة 242 هـ / 856 م لم يتول مصر والى عربى وفى سنة 252 هـ / 666 م اضطربت منطقة الإسكندرية بقيادة جابر بن الوليد المدلجى الذى نجح فى هزيمة قوات الوالى يزيد بن عبد الله التركى كما هزم قوات نائبة فى الإسكندرية وانضم إليه من أهل النواحى المجاورة من : الشطار والفتاك من مسلمين ونصارى والبيض والسود والسنة والشيعة على حد سواء .وإزاء خطورة الأمر فى الإسكندرية وضواحيها أرسلت الخلافة من العراق إلى مصر القائد التركى مزاحم بن خاقان الذى نجح فى القضاء على أعوان جابر الواحد بعد الآخر الذى أدى إلى ضعفه وانهزامه وهرب إلأى الجيزة والفيوم وسجن إلى أن بعث إلى العراق سنة 254 هـ / 868 م .وكان ذلك تمهيداً لعصور الإستقلال التى افتتحها أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية
بداية عصور الإستقلال
ببداية الدولة الطولونية تبدأ مصر عهداً جديداً هو عهد الإستقلال الذى جعل للبلاد كيانها الخاص وشخصياتها الذاتية وأصبحت همة الأمير تنصرف إلى أحوال البلاد وتحسين قواها الاقتصادية والعسكرية
وكانت الإسكندرية موضع اهتمام أحمد بن طولون الذى زارها بنفسه فى شعبان سنة 259 هـ / 873 م وعهد بها إلى ابنه العباس بمعنى انها ظلت العاصمة الثانية من حيث كونها مدينة ولى العهد
وقد سار أحمد بن طولون فى جيش كثيف إلى الإسكندرية حين عصاه ابنه العباس وأقام بها سنة 268 هـ / سنة 881 م لإدارة العمليات العسكرية ضد العباس بدقة
وقد حظيت الإسكندرية برعاية أخمد بن طولون أثناء اقامته بها فجدد أسوارها وأقام ما كان قد تهدم منها واعتنى بالساحل وحصنه ورمم منار الإسكندرية كما أمر بحفر خليج الإسكندرية الذى كان قد طمر وقد اهتم ومن بعده ابنه خمارويه بالبحرية والأسطول .وعندما استرجع العباسيون مصر من الطولونيين عهد عيسى النوشرى " أول والى عباسى جديد " بولاية الإسكندرية إلى على بن وهسودان وجعل له معاوناً فى عمله هو المهاجر بن طليق سنة 292 هـ / 904 – 905 م ومنذ ولاية أبومنصور تكين ( شعبان 297 / إبريل 910 م ) على عهد الخليفة المقتدر بدأ الخطر الفاطمى فى المغرب يهدد مصر والإسكندرية . وفى سنة 302 هـ / 914 م وطأت أقدام الجند الفاطميون الإسكندرية لأول مرة بقيادة حباسة بن يوسف وقد خرج حباسة من الإسكندرية نحو الفسطاط حيث أنهزم أمام قوات تكين
وقد دخلت القوات الفاطمية إلى الإسكندرية فى 8 صفر سنة 907 هـ / يوليو 919 م . وبعد وصول القوات الفاطمية البرية إلى الإسكندرية وصلت القوات البحرية إليها بقيادة سليمان الخادم . وارسلت الخلافة العباسية قائد قوات طرسوس من الشام ، وهو ثمل الخادم على رأس مراكبه لقتال الأسطول الفاطمى وتم لقاء الأسطولين فى رشيد سنة 307 هـ / 919 م وانتهت المعركة إلى غير صالح الأسطول الفاطمى الذى ثارت به ريح عاصفة كسرت الكثير من وحداته كما أسر قائد الأسطول الفاطمى ورؤساء مراكبه وسيقوا إلى الفسطاط حيث تم أعتقالهم قبل التشهير بهم فى موكب نصر كبير فى سنة 919 م
واضطر الأمير الفاطمى إلى الخروج من الإسكندرية نحو الفيوم ثم برقة بينما فر الوالى الفاطمى ابن بعله ودخل ثمل الخادم الإسكندرية سنة 309 هـ / مايو 931 م وانتقم من أهلها المتعاونين مع الفاطميين فنفاهم إلى رشيد
وكان خروج جوهر الصقلى فى سنة 358 هـ / 969 م على رأس قواته الضخمة نحو مصر وعندما بلغ الإسكندرية كان سقوط مصر هذه المرة أمراً موكداً وببناء القاهرة أصبحت مصر امبراطورية خلافية وكان للإسكندرية أن تزدهر