ايجي روم : صوت وصورة
 

sharkia نصب تذكاري للزعيم احمد عرابي في الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية

sharkia36.jpg

أحمد الحسيني عرابي (1 أبريل 1841 - 21 سبتمبر 1911)، قائد عسكري وزعيم مصري. قاد الثورة العرابية ضد الخديوي توفيق. شغل منصب وزير الدفاع] (وزيرالجهادية في حينها) ثم رئيس وزراء مصر.

ولد في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية. عندما شب عن الطوق، أرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني ثم إلتحق بالمدرسة الحربية التى أنشاها محمد على باشا الكبير و عند تخرجه منها تعين بالجيش المصرى. ارتقى أحمد عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة حيث أصبح نقيبا في سن العشرين. في عهد الخديوى سعيد باشا تدرج في الترقيات حتى وصل إلى رتبة الأميرالاى أو ما يعادل "عميد" و كان الفضل في هذه الترقيات سياسة سعيد الذى سمح لأول مره بترقية الضباط المصريين ,و ليس الشراكسه كما جرت العاده, إلى رتب عليا

تزامنت بداية ظهور أحمد عرابى على الساحه مع أزمة الديون الخانقه التى كانت تعيشها مصر في السبعينات من القرن التاسع عشر. تلك الأزمة التى تسببت فيها سياسات سعيد و إسماعيل و توفيق الماليه الفاشله. تأثر أحمد عرابى بأفكار جمال الدين الأفغانى الذى كان قد ذاع صيته في مصر في تلك الفتره كابرز دعاة الإصلاح الإجتماعى و السياسى في العالم الإسلامي

الثورة العرابية

كان أول ظهور حقيقي لإسم عرابى على الساحه حين تقدم مع مجموعه من زملائه مطالبين الخديوى توفيق بترقية الضباط المصريين و عزل رياض باشا رئيس الوزراء) و زيادة عدد الجيش المصرى . لم يتقبل الخديوى هذه المطالب و بدأ في التخطيط للقبض على عرابى و زملائه حيث إعتبرهم من المتأمرين. تنبه عرابى للخطر و قاد المواجهة الشهيرة مع الخديوي توفيق يوم 9 سبتمبر 1881 فيما يعد أول ثورة وطنيه في تاريخ مصر الحديث و التى سميت آنذاك هوجة عرابي

اسباب الثورة العرابية - التدخل الاجنبى في شئون مصر بعد صدور قانون التصفية عام 1880 - عودة نظم المراقبة الثناثية - لجوء رياض باشاالى اساليب الشدة والعنف مع المواطنين المصريين - معارضة تشكيل مجلس شورى نواب - سياسةعثمان رفقى الشركسى و انحيازه السافر للضباط الاتراك والشراكسة واضطهاده للضباط المصريين - سوء الاحوال الاقتصادية نتيجة تخصيص مبالغ لسداد الديون للاجانب - انتشار الوعى الوطني بين المصريين

الخديوي توفيق: كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.

عرابي: لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم

رضخ توفيق لمطالب الجيش حين رأى إلتفاف الشعب حول عرابى و عزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة وتشكلت بذلك أول وزاره شبه وطنيه في تاريخ مصر الحديث. نقول هنا أن الوزارة كانت شبه وطنيه بسبب أن شريف باشا كان من أصول شركسيه إلا أنه كان رجلا كريمًا مشهودًا له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في (19 شوال 1298 هـ = 14 سبتمبر 1881م)، وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد بعد أن إزدادت ضغوط الدول الأوربيه الدائنه على مصر التى باتت يتعين عليها دفع ما يقارب العشرين مليون جنيه إسترلينى أو ما يقرب من ثلث دخلها القومى سنويا لسداد الديون. أصرت بريطانيا وفرنسا على إدارة شئون الخزانه المصريه بإعتبارهما أكبر الدائنين و بسبب العقليه الإستعماريه المتغطرسه التى كانت سائده في ذلك الوقت التى روجت لفكرة أن الشعوب الشرقيه لا تصلح لإدارة شئونها و خصوصا الشئون الماليه. فعلا تم فرض تعيين مفتشين ماليين على شئون الخزانه المصريه أحدهما إنجليزى و الآخر فرنسى . كرد فعل لكل هذه الضغوط أصر مجلس الأعيان برئاسة محمد سلطان باشا على تغيير وزارة شريف باشا التى قبلت بكل هذه التدخلات في شئون مصر الداخليه. وتأزمت الأمور، وتقدم شريف باشا باستقالته في (2 من ربيع الآخر 1299 هـ = 2 فبراير 1882 م

و تشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، وشغل عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع). كانت هذه هى المرة ألأولى في تاريخ مصر الحديث التى يتولى فيها مصرى هذا المنصب. وقوبلت وزارة "البارودي" بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية؛ لأنها كانت تحقيقًا لرغبة الأمة، ومعقد الآمال، وكانت عند حسن الظن، فأعلنت الدستور، وصدر المرسوم الخديوي به في (18 ربيع الأول 1299 هـ = 7 فبراير 1887

غير أن هذه الخطوة الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية، ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين، فاشتدت الأزمة، وتعقد الحل، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديوي ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد، فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار

تظهر هنا شخصيتان إشتهرتا بالمراوغه و التحايل, الأولى هى السلطان العثمانى عبد الحميد الثاني الذى أخذ يتصل بأحمد عرابى سرا و يشجعه على الوقوف بوجه التدخل الأوربى و بوجه الخديوى . الشخصيه الثانيه هى شخصية الخديوي توفيق الذى يعد أسوأ ملوك أسرة محمد على على مدى تاريخها الطويل . كان توفيق يكره عرابى كرها شديدا و مع ذلك كان دائما ما يتظاهر بتاييد عرابى بينما هو يتصل سرا ببريطانيا و فرنسا ليؤلبهما عليه . أخذ توفيق يبالغ في تصوير الموقف للأوربيين بأنه شديد الخطوره على مصالحهم حيث أن عرابى حسب وصفه كان وطنيا متطرفا يكره كل ما هو أجنبى و يهدف إلى طرد كل الأجانب من مصر . تحمست بريطانيا بالذات لفكرة التدخل العسكرى في مصر لقلقها من ناحية فرنسا التى كانت قد إستولت لتوها على تونس . كذلك شعرت بريطانيا أن طريق مواصلاتها إلى الهند الذى يمر عبر قناة السويس قد بات مهددا و أنه أصبح يتعين عليها سرعة التحرك قبل أن تتجه فرنسا شرقا أو حتى روسيا جنوبا التى كانت تنتظر بترقب إنحدار الدولة العثمانية و تحلم بالتوسع جنوبا للتحكم في مضايق البحر الأسود . في البدايه إتفقت بريطانيا و فرنسا على التحرك سويا بالرغم من توجس كل منهما تجاه الأخرى و ووجهت الحكومتان دعوة إلى الحكومة العثمانية لإرسال قوة إلى مصر "لحفظ الأمن" على إعتبار أنه من الناحية القانونية كانت مصر ما تزال جزءا من الدولة العثمانية المحتضرة . سرعان ما عدلت القوتان الإستعماريتان عن تلك الفكرة لعدم ثقتهما في السلطان عبد الحميد الثاني و لرغبتهما في الإحتفاظ بزمام المبادرة . تم إرسال أسطول بريطانى فرنسى مشترك إلى الأسكندريه على سبيل الإنذار للحكومة المصرية ، إلا أن هذا الإنذار جاء بنتيجة عكسيه تماما حيث أنه أدى إلى إزدياد شعبية عرابى في مصر و إلتفاف الناس من حوله من كل الطبقات . استمر كل من السلطان عبد الحميد الثاني و الخديوى توفيق في سياستهما المعتاده في اللعب مع كل الأطراف

ولم يكد يحضر الأسطولان الإنجليزي والفرنسي إلى مياه الإسكندرية حتى أخذت الدولتان تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية، ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في (7 رجب 1299 هـ = 25 مايو 1882 م) يطلبان فيها استقالة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتباته، وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" –وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما

وكان رد وزارة البارودي رفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهينًا في شئون البلاد الداخلية، وطلبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض؛ إلا أنه أعلن قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديوي

بقاء عرابي في منصبه

غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، غير أن الأمور في البلاد ازدادت سوءًا بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في (24 رجب 1299 هـ = 11 يونيو 1882م)، وكان سببها قيام مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين، فشب نزاع و سرعان ما تطورت تلك المشاجرة البسيطه إلى أحداث عنف ضد الأوربيين المقيمين في الأسكندريه و قتل فيها حوالى الخمسين أوربيا وأصيب خلالها أيضا أحد ضباط الأسطول البريطاني

مواجهة الخديوي ورفض قراراته

رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299هـ= 17 يوليو 1882م)، و كان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، و أجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، و جنودها يحتلون الإسكندرية

و كان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه، و تعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه، و لكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز. بعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل

وفي (6 رمضان 1299 هـ = 22 يوليو 1882 م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة

وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم "محمد عليش" و"حسن العدوي"، و"الخلفاوي" بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف

اغلاق ترعة السويس

جاليري مصر - اعداد وتقديم: مصريات