ايجي روم : صوت وصورة
 

توفيق الحكيم احد ابناء محافظة البحيرة behera

behera56.jpg

توفيق الحكيم احد ابناء محافظة البحيرة

توفيق الحكيم (9 أكتوبر 1898 - 26 يوليو 1987) في القاهرة. كان كاتباً وأديباً مصريا، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، كانت للطريقة التي استقبل بها الشارع الأدبي العربي نتاجاته الفنية بين اعتباره نجاحا عظيما تارة وإخفاقا كبيرا تارة أخرى الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب وفكر الحكيم على أجيال متعاقبة من الأدباء .كانت مسرحيته المشهورة أهل الكهف في عام 1933 حدثا هاما في الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بداية لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني. بالرغم من الإنتاج الغزير للحكيم فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح وكانت معظم مسرحياته من النوع الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالماً من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي

سمي تياره المسرحي بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيدها في عمل مسرحي وكان الحكيم يدرك ذلك جيدا حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية : "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. كان الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد رواية عودة الروح أرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون ولكنه وخلال إقامته في باريس لمدة 3 سنوات اطلع على فنون المسرح الذي كان شُغله الشاغل واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة . عندما قرأ توفيق الحكيم إن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: "انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام اخناتون

عاصر الحربين العالميتين 1914 - 1939. وعاصر عمالقة الأدب في هذه الفترة مثل طه حسين والعقاد واحمد امين وسلامة موسى. وعمالقة الشعر مثل احمد شوقي وحافظ إبراهيم، وعمالقة الموسيقى مثل سيد درويش وزكريا أحمد والقصبجى، وعمالقة المسرح المصرى مثل جورج ابيض ويوسف وهبى والريحاني. كما عاصر فترة انحطاط الثقافة المصرية (حسب رأيه) في الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الثانية وقيام ثورة يوليو 1939 - 1952. هذه المرحلة التي وصفها في مقال له بصحيفة اخبار اليوم بالعصر "الشكوكي"، وذلك نسبة محمود شكوكو

أسلوب كتابة الحكيم

مزج توفيق الحكيم بين الرمزية و الواقعية علي نحو فريد‮ ‬يتميز بالخيال والعمق دون تعقيد أو‮ ‬غموض‮.‬ وأصبح هذا الاتجاه هو الذي‮ ‬يكون مسرحيات الحكيم بذلك المزاج الخاص والأسلوب المتميز الذي عرف به‮ . ‬ويتميز الرمز في أدب توفيق الحكيم بالوضوح وعدم المبالغة في الإغلاق أو الإغراق في الغموض؛ ففي أسطورة‮ ‬إيزيس‮ ‬التي‮ ‬استوحاها من كتاب الموتى فإن أشلاء أوزوريس الحية في الأسطورة هي مصر المتقطعة الأوصال التي‮ ‬تنتظر من‮ ‬يوحدها ويجمع أبناءها علي‮ ‬هدف واحد‮.‬ و(عودة الروح‮) ‬هي الشرارة التي‮ ‬أوقدتها الثورة المصرية،‮ ‬وهو في هذه القصة‮ ‬يعمد إلي‮ ‬دمج تاريخ حياته في الطفولة والصبا بتاريخ مصر،‮ ‬فيجمع بين الواقعية والرمزية معا على‮ ‬نحو جديد،‮ ‬وتتجلي مقدرة الحكيم الفنية في قدرته الفائقة على‮ ‬الإبداع وابتكار الشخصيات وتوظيف الأسطورة والتاريخ على‮ ‬نحو‮ ‬يتميز بالبراعة والإتقان،‮ ‬ويكشف عن مهارة تمرس وحسن اختيار للقالب الفني الذي‮ ‬يصب فيه إبداعه،‮ ‬سواء في القصة أو المسرحية،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬تنوع مستويات الحوار لديه بما‮ ‬يناسب كل شخصية من شخصياته،‮ ‬ويتفق مع مستواها الفكري‮ ‬والاجتماعي؛ وهو ما‮ ‬يشهد بتمكنه ووعيه‮. ‬ويمتاز أسلوب توفيق الحكيم بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقة علي‮ ‬التصوير؛ فهو‮ ‬يصف في جمل قليلة ما قد لا‮ ‬يبلغه‮ ‬غيره في صفحات طوال،‮ ‬سواء كان ذلك في رواياته أو مسرحياته‮. ‬ويعتني الحكيم عناية فائقة بدقة تصوير المشاهد،‮ ‬وحيوية تجسيد الحركة،‮ ‬ووصف الجوانب الشعورية والانفعالات النفسية بعمق و إيحاء شديدين

رائد المسرح الذهني

وبالرغم من الإنتاج المسرحي‮ ‬الغزير للحكيم،‮ ‬الذي‮ ‬يجعله في مقدمة كتاب المسرح العربي وفي صدارة رواده،‮ ‬فإنه لم‮ ‬يكتب إلا عددًا قليلاً‮ ‬من المسرحيات التي‮ ‬يمكن تمثيلها علي‮ ‬خشبة المسرح ليشاهدها الجمهور،‮ ‬وإنما كانت معظم مسرحياته من النوع الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يطلق عليه‮ (‬المسرح الذهني‮)‬،‮ ‬الذي كتب ليقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالما من الدلائل والرموز التي‮ ‬يمكن إسقاطها علي‮ ‬الواقع في سهولة ويسر؛ لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي‮.‬ وهو‮ ‬يحرص علي تأكيد تلك الحقيقة في العديد من كتاباته،‮ ‬ويفسر صعوبة تجسيد مسرحياته وتمثيلها علي‮ ‬خشبة المسرح؛ فيقول‮: (‬إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن،‮ ‬وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز‮.. ‬لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح،‮ ‬ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلي‮ ‬الناس‮ ‬غير المطبعة‮).‬

ولا ترجع أهمية توفيق الحكيم إلي‮ ‬كونه صاحب أول مسرحية عربية ناضجة بالمعيار النقدي الحديث فحسب،‮ ‬وهي مسرحية‮ (‬أهل الكهف)‬،‮ ‬وصاحب أول رواية بذلك المعنى المفهوم للرواية الحديثة وهي رواية‮ (عودة الروح‮)‬،‮ ‬اللتين نشرتا عام2391،‮ ‬وإنما ترجع أهميته أيضًا إلى‮ ‬كونه أول مؤلف إبداعي استلهم في أعماله المسرحية الروائية موضوعات مستمدة من التراث المصري‮.‬ وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة،‮ ‬سواء كانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية،‮ ‬كما أنه استمد أيضا شخصياته وقضاياه المسرحية والروائية من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاصر لأمته

موقفه من الأحزاب والمرأة

وبالرغم من ميول الحكيم الليبرالية ووطنيته؛ فقد حرص علي‮ ‬استقلاله الفكري والفني،‮ ‬فلم‮ ‬يرتبط بأي حزب سياسي في حياته قبل الثورة؛ فلما قامت ثورة‮ ‬يوليو 1952،‮ ‬ارتبط بها وأيدها،‮ ‬ولكن في الوقت نفسه كان ناقدًا للجانب الديكتاتوري‮ ‬غير الديمقراطي الذي اتسمت به الثورة منذ بدايتها‮.‬ كما تبنى الحكيم عددًا من القضايا القومية والاجتماعية وحرص على ‬تأكيدها في كتاباته،‮ ‬فقد عنى ببناء الشخصية القومية،‮ ‬واهتم بتنمية الشعور الوطني،‮ ‬ونشر العدل الاجتماعي،‮ ‬وترسيخ الديمقراطية،‮ ‬وتأكيد مبدأ الحرية والمساواة‮.‬ ومع ما أشيع عن توفيق الحكيم من عداوته للمرأة فإن كتاباته تشهد بعكس ذلك تمامًا فقد حظيت المرأة بنصيب وافر في أدب توفيق الحكيم،‮ ‬وتحدث عنها بكثير من الإجلال والاحترام الذي‮ ‬يقترب من التقديس‮.‬ والمرأة في أدب الحكيم تتميز بالايجابية والتفاعل،‮ ‬ولها تأثير واضح في الأحداث ودفع حركة الحياة،‮ ‬ويظهر ذلك بجلاء في مسرحياته شهرزاد،‮ ‬وايزيس،‮ ‬والأيدي الناعمة،‮ ‬وبجماليون،‮ ‬وقصة الرباط المقدس،‮ ‬وعصفور من الشرق،‮ ‬وعودة الروح

جاليري مصر - اعداد وتقديم: مصريات